في هذا العدد، سأتحدث عن بحث نشر قبل أسبوع يستكشف قدرات GPT-4، سأركز على الجوانب المتعلقة بالقدرات البرمجية، يوجد في الأسفل جدول، إذا لم يكن لديك وقت لقراءة النشرة، فقط إطلع على الجدول حتى تأخذ فكرة عن قدرات النموذج.
وبداية، عدّل جلستك و تعال أقلك عن مشهد مثير للشفقه حدث قبل سنتين ..
مشهد حقيقي
مجموعة من كبار التنفيذيين على المسرح، سأل مدير الجلسة عن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين وتطوير الأعمال، رد التنفيذي: الذكاء الإصطناعي مجرد كلام و "فقش" وماشفنا اي نتائج، رد التنفيذي الثاني: الذكاء الإصطناعي متميز في أشياء محددة مثل الشطرنج وما يقدر يتجاوزها .. كان بين الحضور عدد من باحثي ومتخصصي الذكاء الإصطناعي، تبادلنا الابتسامات الباهتة مع غصة في حلوقنا ..
هذا كان مشهد الذكاء الإصطناعي قبل عدة سنوات، ضجيج عالي ونتائج مخيبة لآمال غير المختصين. كان المطلوب من المتخصصين تطوير أنظمة خارقة الذكاء وكان الجميع يحلم أن يقوم بتطوير أداء شركته وخدماته باستخدام الذكاء الاصطناعي. نتائج الذكاء الإصطناعي في أفضل حالاتها كانت لا تتجاوز ChatBot عقيم و غبي لايفهم ولا يتجاوز كونه محرك بحث تعيس.
ثم جاءت سنة 2022، وأبهر DALL-E البشرية بقدراته على الرسم، ثم جاء ChatGPT ليقلب الطاولة و يجسد بداية حلم علماء الذكاء الاصطناعي منذ أكثر من 70 سنة، منذ أن أقترح Alan Turing اختباره الشهير حتى نعرف هل الآلة ذكية أم لا. لأول مرة في تاريخ الذكاء الاصطناعي النتائج تتجاوز كل التوقعات بأضعاف مضاعفة، والارتباك في كل مكان، تخوفات من التطور السريع سيؤدي إلي هلاك البشرية! و الآلاف تطلب إيقاف تطوير النماذج الذكية حتى نتأكد من قدرتنا على السيطرة عليها، و الشركات تتخبط يمنة ويسرى حتى لا تخرج خارج السباق، وبعض الباحثين في المجال يسألون مادورنا الآن! لحظات تاريخية بكل ماتعنيه الكلمة!
مرت أربعة أشهر منذ إعلان ChatGPT وأسبوعين منذ إعلان GPT-4، لازلنا لا نعرف بشكل كامل قدرات هذا الوحش! لكن يوجد نمط واضح جداً لاحظته فيمن حولي، الذين لم يجربوه وفقط يتابعون المحادثات الغريبة (مثل الصور أدناه) ليس لديهم إدراك كافي عن حجم القدرات المخيفة و المخفية لهذا الشيء. كذلك من جربه لوقت قصير وتعامل معه كأنه لعبة ولم يعطه وقت كافي للتجربة و الإستكشاف، يصعب عليهم إدراك قوة هذا الشيء. وسواء كنت تعرف قدرات هذا الوحش أو لا، سأسرد لك فيما يلي نتائج بحث نشر قبل أسبوع يحاول استكشاف بعض قدرات GPT-4.
قدرات GPT-4 الخارقة
في عالم الذكاء الاصطناعي مصطلح يسمى Artificial General Intelligence اختصارا AGI، وهو نظام قادر على عمل أي وظيفة يستطيع أن يقوم بها البشر، تطوير نظام مثل هذا هو حلم و هدف مجال الذكاء الإصطناعي منذ بدايته، وفي اليوم الذي يتمكن فيه البشر من تطوير نظام مثل هذا سيتغير كل شيء في حياتنا، لكن هذا موضوع نناقشه في مكان آخر.
نشر مجموعة من الباحثين من Microsoft Research ورقة طويلة بعنوان: Sparks of AGI، استكشفوا فيها جوانب من قدرات GPT-4 مثل قدراته على التحليل و التخطيط و قدراته في مجال الرياضيات وغيرها، ومن ضمن مادرسوه قدراته البرمجية. هذه الورقة لم يتم تحكيمها بشكل علمي، وليس بالإمكان التأكد من كل ماذكر في الورقة لأنها تستخدم نسخة من GPT-4 غير المتاح للعامة، البعض اعتبر أن هذه الورقة مجرد خبر صحفي في شكل ورقة علمية، لكنها تظل أفضل المتوفر لدينا حالياً كدراسة لفهم قدرات GPT-4.
الصورة التالية توضح حجم التطور بين ChatGPT و النسخة الأخيرة التي أعلن عنها قبل أسبوعين GPT-4 ، الطلب كان إرسم Unicorn باستخدام لغة TikZ
LeetCode
فريق الباحثين قام باختيار 100 سؤال من موقع LeetCode بمستويات مختلفة (بسيط متوسط و صعب) وطلبوا من GPT-4 أن يقوم بحلها، ملخص النتائج في الجدول التالي:
واضح؟ GPT-4 أفضل في كل المستويات من البشر! أتمنى تتأمل في الجدول لأطول فترة ممكنة حتى تستوعب شيئ من قدرات GPT-4 الخارقة!
البرمجة بشكل عام
ولإختبار قدرات البرمجة بشكل عام (وليس في أسئلة التحديات مثل LeetCode) قام الباحثين بتصميم عدة سيناريوهات متكاملة في مواضيع مختلفة: إستخراج وعرض البيانات، تطوير لعبة 3D باستخدام HTML و Javascript، كتابة كود برمجي في مجال التعلم العميق Deep Learning، وغيرها. جميع هذه السيناريوهات مثير للإهتمام و وتظهر قدرات مختلفة، لكن من الواضح في جميعها قدرة GPT-4 على فهم المطلوب منه بشكل عالي الدقة واستخدام مكتبات برمجية بشكل صحيح لكتابة الأكواد.
الصورة التالية من السيناريو الخاص بتطوير لعبة ثلاثية الأبعاد في HTML، مثير للإهتمام أن GTP-4 كان قادر على تطوير اللعبة بشكل كامل، في المقابل ChatGPT كان رده أنه غير قادر على كتابة الأكواد الخاصة بهذا السيناريو.
محاكاة تشغيل الأكواد
من القدرات العجيبة لنموذج GPT-4 هو قدرته على محاكاة تشغيل كود مكتوب بلغة بايثون! على سبيل المثال لو أعطيته دالة وسألته ماهي النتيجة المتوقعة لهذه الدالة ستجد أن لديه القدرة على محاكاة تشغيل الدالة وإعطائك النتيجة المتوقعة. الصورة التالية فيها مثال قمت بتجربته حيث طلبت من النموذج أن يكتب لي دالة تقوم بعكس أي نص مدخل لها، ثم طلبته أن يخبرني ما نتيجة تشغيل الدالة على نص محدد
توقف هنا قليلاً! وفكر في هذه القدرة العجيبة لهذا النموذج!!!
نحن نعرف بعض نقاط الضعف عند النماذج اللغوية مثل GPT-4، لكن إن كان نموذج مثل هذا قادر على كتابة كود ومحاكاة تشغيله، فهل يستطيع أن يتجاوز نقاط ضعفه بهذه الطريقة؟!
وأشياء أخرى
الورقة العلمية طويلة وفيها الكثير من الأمثلة و الاستخدامات المختلفة و التجارب المتنوعة، أنصح بالإطلاع عليها إن كنت مهتم أو مشاهدة هذا الفيديو الذي يلخص أهم ما في الورقة في ١٢ دقيقة.
كلمة أخيرة ..
النصيحة التي أغني بها هذه الأيام، إذا كنت لم تجرب GPT-4 فلابد أن تجربه في أسرع وقت ممكن، و إذا كانت تجربتك له لم تتجاوز عدة دقائق فأنصحك أن تقضي ما لا يقل عن يوم عمل كامل في تجربته واستخدامه حتى تبني فهم لقدراته، استخدمه في الكتابة والبرمجة و التفكير، وإن حصلت على الـ API الخاص بـ OpenAI فمهم أن تقوم بتطوير الكثير من التجارب عليه حتى تعتاد على استخدام هذا النوع من التقنيات.
روابط و أخبار
في هذه المساحة سنشارك أنا و خالد بعض الروابط ذات القيمة العالية التي تمر علينا أثناء إعداد النشرة البريدية، وفي هذا العدد لايوجد أهم من هذا الفيديو الذي إن لم تستفيد منه فأكيد يوجد أحد في دائرتك سيستفيد منه :) (والجزء الثاني من اللقاء موجود في قناة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي -سدايا- على اليوتيوب)
جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم، شجعتني نصيحة الدكتور بترك كل مافي يدي وتجربة GPT-4
بعد ما انتهيت من لقاء د.مازن في سدايا وصلتني النشرة وكانت بمثابة تلخيص رائع ومحتوى حقيقةً ثري،، هذا تماما الي نحتاجه بعيداً عن -الأوفرة والتهويل- مع الفهم العلمي .. شكراً جداً لكل الجهود